للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية النظام في الكون والحياة]

يمثل النظام في الكون والحياة ضرورة لا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، وقد تكرر الكلام عن آفاق الكون ومشاهد الطبيعة في القرآن الكريم تكرارًا يلفت النظر، وأكثر سور القرآن تستعرض الكون بآفاقه الواسعة وأنواعه الكثيرة، وأقسامه المتعددة، وحركته الدائمة وحوادثه المتكررة (١)، وأنه محكوم بنظام بالغ الدقة، ويجري وفق سنن مطردة، وحوادثه السابقة واللاحقة تأتي وفقًا لإرادة اللَّه الأزلية، ولا يشذ عنها حادثة من الحوادث لا في زمان ولا في مكان. . كما أن التطور الذي يتم في الكون منضبط بنظام متقن متكامل (٢). . متناسق مع نظام الحياة في غاية الإبداع. . فكل شيء في الحياة والكون مقدر وموزون ومحسوب، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩].

والسمة البارزة في عرض القرآن لموجودات الكون، أو ملكوت السموات والأرض، هي أن تعرض عرضًا متنوعًا يدعو الإنسان بإلحاح وتحفيز للنظر والتأمل والتفكير في مجرى حوادثها، والدعوة إلى توحيد اللَّه وإفراده بالعبادة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧].

ويدخل الإنسان ضمن مخلوقات اللَّه بدءًا ونهاية فردًا وجماعة وأمة بل


(١) انظر: محمد المبارك: نظام الإسلام (العقيدة والعبادة)، ص: (٣٨ - ٤٤)، الطبعة الثانية: (١٤٥١ هـ - ١٩٨١ م)، عن دار الفكر، دمشق.
(٢) انظر: موريس بوكاي: ما أصل الإنسان؟ (إجابات العلم والكتب المقدسة): ص: (٢٣٧)، الطبعة الثانية عشرة: (١٩٨٥ م)، عن مكتبة التربية العربي لدول الخليج، الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>