للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج الإسلام في تقرير الأخوة، ووحدة الأمة]

انتهج الإسلام في تقرير الأخوة وبنائها منهجًا تربويًا فريدًا، ينطلق من عقيدة التوحيد الصحيحة الأصلية، ما يندرج تحتها من مبادئ وقيم تضبط الفكر ورؤية الكون والحياة. . .، في ضوء العبودية الخالصة للَّه عز وجل وما ينجم عنها من آثار إيجابية تنعكس على سلوك الفرد، وسلامة الأمة، إلى جانب نظم الإسلام الشرعية وأخلاقياته السامية التي عنت بالأخوة ووحدة الأمة غاية العناية، أمرًا بها، وحثًا عليها، وحرصًا على كل ما يجعلها راسخة في سلوك الفرد، وبناء الأمة، ومن جانب آخر النهي عن كل ما يمسها، أو يصدع بنيانها، أو يضعف تأثيرها من الاعتداد بالروابط المنافية لها، أو المواقف التي تجافيها والأخلاق التي تصادمها. . .، وتفصيل ذلك في الآتي:

أولًا: جعل العقيدة آصرة تلك الأخوة دون غيرها من الأواصر الأخرى، كآصرة النسب أو القبيلة أو اللغة أو التاريخ أو المناهج المتنوعة، والمصالح المختلفة، مع أن الإسلام لم ينكر تلك الأواصر أو يلغها ما دامت في المسلك الفطري السليم، من حيث صلة الرحم، وحقوق القرابة والجوار ونحو ذلك، وإذا كان قد ركز على آصرة العقيدة، والرابطة القائمة على أساسها فهو إنما ميزة هذه (الأخوة الإيمانية عن غيرها ورفع من شأنها؛ لأنها أخوة مستمدة من عناصر روحية لا تدانيها في التقارب أي علاقة أخرى) (١)، أما لو اجتمعت الآصرتان معًا فإن ذلك أبعد أثرًا وأعمق في التقارب؛ والإسلام يقر ذلك ولا ينكره، ولعل في سؤال


(١) محمود محمد بابللي: معني الأخوة في الإسلام: ص: (١٤)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>