للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبي اللَّه موسى عليه السلام ربه أن يشد عضده بأخيه هارون عليه السلام ما يؤكد هذا (١)، بل إن الإسلام حينما أطلق على رابطة العقيدة مسمى الأخوة إنما فعل ذلك إقرارًا بمكانتها الغريزية، وما تقتضيه من العصبية والحمية من الأخ لأخيه في الدم والنسب (٢)، ولكنه أراد أن تكون تلك الرابطة مشدودة بعقيدة الإسلام وشريعته في المقام الأول، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، (وأخوة الإيمان أوثق روابط النفوس، وأمتن عرا القلوب، وأسمى صلات العقول والأرواح) (٣)؛ لأنها ترتكز على عقيدة التوحيد الخالص للَّه، (ووحدة العقيدة هي ملاك ذلك كله؛ لأنها هي التي تزود القلوب برصيد الحب الخالص، وروح الأخوة الصادقة، وتسل من النفوس ما يعلق بها من أوضار الحقد، وتطهرها من شوائب التنافر، وتصوغ الإنسانية صياغة فريدة، قوامها التناصح والتآزر، وجوهرها الإخلاص والوفاء، بحيث يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه، ويسعى لخيره وما يصلح شأنه، سعيه لذاته وصلاح أمره) (٤).

أما إذا ارتكزت الأخوة على عصبية النسب، وحمية الجاهلية جنسية كانت أو إقليمية فإنها تكون (وليدة نزعات خاصة لا تعرف غير الجنس أو الإقليم، ولا تمت في أكثر أحوالها إلى القلب، ولا إلى الصالح العام،


(١) انظر: سورة طه: الآيات: (٢٩ - ٣٦). وانظر: (محمود محمد با بللي)، المرجع السابق نفسه: ص: (١٥).
(٢) انظر: محمود محمد بابللي: المرجع السابق نفسه: ص: (١٥)،
(٣) محمد علي الهاشمي: شخصية المسلم كما يصوغها المسلم في الكتاب والسنة: ص: (١٨٥)، من مطبوعات الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، رقم: [٤٢]، بدون تاريخ.
(٤) عمر عودة الخطيب: المسألة الاجتماعية بين الإسلام والنظم البشرية: ص: (٢٠٦)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>