للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبها يذوي الضمير العالمي، وينكمش الروح الإنساني، وينسى الرحم العام، الذي يقضي بالتعاون العام، والسلام العام، ويقضي بالحدب الشديد على المصالح العامة، ثم تجعل من أفراد الإنسان أو جماعاته حيوانات غابية مفترسة، تفتك قويها بضعيفها، ويأكل كبيرها صغيرها) (١).

إن تميز الأمة الإسلامية يقوم على مبدأ الأخوة ووحدة الأمة الذي أعلنه رسول الهدى -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى" (٢).

قال أبو الحسن الندوي: (هذا الإعلان يتضمن إعلانين، هما الدعامتان اللتان يقوم عليهما الأمن والسلام، وعليهما قام السلام في كل مكان وزمان، هما وحدة الربوبية والوحدة البشرية، فالإنسان أخو الإنسان من جهتين، والإنسان أخو الإنسان مرتين: مرة، وهي أساس؛ لأن الرب واحد، ومرة ثانية لأن الأب واحد، قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]، وقال جل شأنه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}


(١) محمود شلتوت: من توجيهات الإسلام: ص: (٢٢٥)، مرجع سابق.
(٢) من إحدى خطب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع، وذكر الإمام الصالحي: سبل الهدى والرشاد: (٨/ ٤٨٢)، أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب الناس بعد أن نزل قول الحق تبارك وتعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١]، (فعرف أنه الوداع. . . فوقف للناس بالعقبة وحمد اللَّه وأثنى عليه. . .)، وكان مما جاء في الخطبة ما ذكر أعلاه. . . وأن هذه الخطبة كانت في اليوم الثاني ليوم النحر، وقد أخرج الحديث الإمام أحمد: (مسند الإمام أحمد بن حنبل): (٦/ ٥٧٠)، الحديث رقم: [٢٢٩٧٨]، ترتيب وترقيم: دار إحياء التراث العربي، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>