للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعريض بمن لم يرعَ التميُّز والوعيد المترتب على عدم تحقيقه

مما لا ريب فيه أن التَّميز رافق تاريخ الأُمَّةِ الإسلامِيَّةِ الَّذي يضرب بجذوره في أعماق الزمان من حين كان الإشهاد على خلقهم وإقرارهم عليه، وقد رافق هذا التميز جميع أطوار هذا التاريخ كله، ذلك أَنّهُ صَبْغَةُ هَذه الأُمَّةِ صَبَغَها اللَّهُ بِهِ وَأَلزمها بتحقيقه، وكلما ظهر انحراف عن هذا التميز في أي طور من أطوارها توجَّه إليها بسبب ذلك -مع النهي والتعريض- اللوم والتوبيخ والوعيد الشديد من اللَّه -عز وجل-.

ولعل مما يوضح ذلك بعض الأدلة الآتية:

١ - قال اللَّه تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٦].

ذكر المفسرون في صاحب هذه القصة أقوالًا كثيرة، نقدها بعض الباحثين بقوله: (لا يأمن الذي تمرس بالإسرائيليات الكثيرة المدسوسة في كتب التفاسير أن يكون واحدة منها، ولا يطمئن لكل تفصيلاته التي ورد فيها، ثُمَّ إِنَّ في هذه الروايات من الاختلاف والاضطراب ما يدعو إلى زيادة الحذر. . وبما أنه ليس من النص القرآني منه شيء، ولم يرد من المرفوع إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه شيء: (فإننا) نأخذ من النبأ ما وراءه فهو يمثل حال الذين يكذبون بآيات اللَّه بعد أن تبين لهم فيعرفوها ثم لا يستقيموا عليها وما أكثر ما يتكرر هذا النبأ في حياة البشر. . فهو مثل لا ينقطع وروده ووجوده، وما هو محصور في قصة وقعت، في جيل من الزمان (١).


(١) سيد قطب: في ظلال القرآن: (٣/ ١٣٩٧، ١٣٩٨)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>