[بناء قدرة الأمة الإسلامية على مواجهة الصراع الحضاري]
لكل أمة من الأمم ذات وفاعلية حضارية ترتكز على عقائد وقيم ومفاهيم وتقاليد وعادات (وتسعى كل أمة سعيًا دَائبًا على أن تكون مفاهيمها واضحة الدلالة في ذاتها، مرعية الجانب لدى أبنائها، واسعة الانتشار والتداول لدى غيرها، وتتخذ لتحقيق ذلك وسائل شتى، فتؤلف الكتب، وتعقد المؤتمرات، وتقوم بالدراسات، وتصدر النشرات، وتضع مناهج التربية والتعليم، وتستخدم -بوجه عام- كل وسائل الإعلام والتوجيه لتوضيح هذه المفاهيم وشرحها، وبيان أسسها وخصائصها وتفصيل وجه النفع فيها)(١).
ولا بد من أن تدور رحى الصراع بين أمة وأخرى في بعض هذه المجالات مما يستوجب وعي كل أمة بذاتها وبناء قدرتها لمواجهة ذلك الصراع الحضاري، وإلا فإن الأمة المتراخية عن شيء من مقومات ذاتيتها وسمتها وخصائصها ستكون معرضة بقدر تهاونها وتراخيها لغزو الأمة الأخرى؛ ولذلك فإن بناء قدرة الأمة الإسلامية على مواجهة الصراع الحضاري مع الأمم الأخرى يعتمد في بعض الجوانب على تميزها؛ مما يؤكد ضرورة التميز في الكيان والاتجاه والهدف والتصور والشعار والانتماء.
يقول سيد قطب عن ضرورة التميز: (والجماعة المسلمة التي تتجه إلى قبله مميزة يجب أن تدرك معنى هذا الاتجاه، إن القبلة ليست مجرد مكان أو جهة تتجه إليها الجماعة في الصلاة، فالمكان أو الجهة ليس سوى
(١) عمر عودة الخطيب: لمحات في الثقافة الإسلامية: ص: (١١)، مرجع سابق.