أعظم مظهر في حياته، وهو بذاته أكبر دليل على صدق رسالته وأمانة نبوته، ولعل هذا البرهان من أوضح الأدلة على إن الإسلام وحي من اللَّه، فإنَّ مفهوم (التوحيد) الإسلامي عقيدة تميَّز بها الإسلام عن غيره) (١).
وعلى الرغم من كون قول (كارلايل) لا يرقى إلى الإنصاف الكامل، إذ ليست الكثرة والاستمرار دليل على الحق، وإنَّما الحق أولى بالاتباع، وكذلك قول (سافاري) ينطوي على خطأ وهو قوله بأنَّ محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- أسس ديانة عالميَّة، والحقيقة أنه جاء مرسلًا من عند اللَّه إلى الناس جميعًا وهو خاتم الأنبياء وسيد المرسلين. وعلى الرغم من هذا وذاك فإن قولهما يُعَدّ أقرب إلى الإنصاف قياسًا إلى ما ذكر من أقوال المستشرقين الآخرين، أمَّا قول (هنري دي كاستري) فإنَّه أكثر إنصافًا، ولعل مسلكه العام ظل مستمرًّا على هذا النحو، واللَّه أعلم.
أمَّا الرد على أقوال المستشرقين السابقة فهو على النحو الآتي:
١ - إنَّ تلك الأقوال التي تشكك في تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة من خلال نسبة عقيدتها إلى اليهودية أو النصرانية أو الوثنية لا تقوى على حجب حقيقة تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة المرتكز على عقيدة صحيحة واضحة فذَّة جاء بها محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ربه، ومهما أثاروا حولها من ضباب كثيف، فإن اللَّه متم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة: ٣٣]، وقال تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة: ٣٢]، وقال تعالى:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[الصف: ٨].
يقول عبد اللطيف الطيباوي عن كتابات المستشرقين في هذا المجال:
(١) نقلًا عن نذير حمدان: الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في كتابات المستشرقين، ص ٧١، (مرجع سابق).