للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشكل صارخ في كتابات كبار المستشرقين الذين نفذوا إلى عقول المسلمين من خلال دعاوى العلمية والموضوعية والمنهجية، وتهدف كتاباتهم في مجملها وجوهرها إلى المسِّ بعقيدة التوحيد، وعدم الاعتراف بأصالة الأُمَّة الإسلاميَّة، ولا يُسْتثنَى من هذه القاعدة إلَّا أفراد قلائل تحرروا من المسلك الاستشراقي المتعصب، واتسم بعض ما كتبوه عن الإسلام وعقيدته بالإنصاف، ولعل من المناسب قبل الرد على ما ورد من الأقوال والآراء فيما سبق الإلماح لبعض الأقوال المنصفة التي ذكرها عدد قليل من المستشرقين القلائل، ومنها ما قاله (توماس كارلايل): القد أصبح من أكبر العار على كل فرد متمدن في هذا العصر أن يصغي إلى القول بأنَّ دين الإسلام كذب، وأنّ محمدًا خدَّاع مزور، فإنَّ الرسالة التي أدَّاها ذلك الرجل ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرنًا لمئات الملايين من الناس أمثالنا خلقهم اللَّه الذي خلقنا) (١).

ويقول (كلوداتيانسافاري): (أسس محمد ديانة عالمية تقوم على عقيدة بسيطة لا تتضمن إلَّا ما يقره العقل من إيمان بالإله الواحد الذي يكافئ على الفضيلة، ويعاقب على الرذيلة، والغربي المتنور إن لم يعترف بنبوته لا يستطيع إلَّا أن يعنبره من أعظم الرجال الذين ظهروا في التاريخ) (٢).

ويقول (هنري دي كاستري): (أمَّا فكرة التوحيد فيستحيل أن يكون هذا الاعتقاد وصل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من مطالعة التوراة والإنجيل، إذ لو قرأ تلك الكتب لردَّها لاحتوائها على مذهب التثليث، وهو مناقض لفطرته مخالف لوجدانه منذ خلقته، وظهور هذا الاعتقاد بواسطته دفعة واحدة هو


(١) الأبطال وعبادة الأبطال، نقلًا عن التهامي نقرة: القرآن والمستشرقون: ص ٢٤، (مرجع سابق).
(٢) نقلًا عن المرجع السابق نفسه: ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>