ومن الدوافع لدراسات المستشرقين دافع اقتصادي يُعنَي بوسائل كسب الأموال وتنميتها وفتح أسواق للصناعات الغربية في الشرق والحصول على المواد الخام منه، وهذه المصالح دفعت إلى دراسات عدة قام بها المستشرقون عن الشرق وأهله وعاداتهم وطبائعهم وطرائق معيشتهم، وأدى هذا الدافع من جانب آخر إلى البحث عن مصادر المواد الخام والطاقة ونحوها، وإذا كانت مثل هذه الدراسات الاقتصادية تهدف من حيث الأصل إلى الانتفاع بها في أسلوب التعامل مع شعوب العالم الإسلامي في مجالات التبادل التجاري والصناعي والتنمية دون ربط ذلك بالأغراض السياسية إلا أن الاستشراق تجاوز ذلك كله، وانطلق في هذا المجال بروح عنصرية طاغية وأساليب سياسية ملتوية، وقد عبر أحد المفكرين المسلمين عن ذلك بقوله:(ومن الدوافع التي كان لها أثرها في تنشيط الاستشراق، رغبة الغربيين في التعامل معنا لترويج بضائعهم، وشراء مواردنا الطبيعية الخام بأبخس الأثمان ولقتل صناعتنا المحلية التي كان لها مصانع قائمة مزدهرة في مختلف بلاد العرب والمسلمين)(١).
[٤ - الدافع العلمي]
لا يمكن للباحث في الاستشراق أن يتجاهل الدافع العلمي النزيه لدى نفر من المستشرقين توافروا على دراسة الإسلام ولغته بغية معرفة الحقيقة والتجرد من كل مؤثر، ولكن المناخ الاستشراقي العام في مسار حركته الطويلة لا يساعد هؤلاء على الظهور والانتشار.
وأقصى ما يتحقق في هذا أن يبرز أفراد اتسمت دراساتهم أن بعضها بالتجرد ووصلت إلى نتائج أقرب لحقيقة الإسلام وأكثر إنصافًا للمسلمين،
(١) السباعي: الاستشراق والمستشرقون: ص: (١٨)، مرجع سابق.