يعد الوعي الثقافي الشامل من أهم وسائل تحقيق تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة؛ الوعي أولًا بالثقافة الإسلاميَّة من حيث شمولها وكمالها وأصالتها، والتميُّز في مصادرها، وتطبيقاتها، ومدلولاتها وظلالها الواسعة المتكاملة التي تتناول جميع جوانب الحياة، والوعي من جهة أخرى بالثقافات الأخرى والتي تختلف في مصادرها، ومقوماتها، وأهدافها عن الثقافة الإسلاميَّة، وقيمها ونظرتها للكون والإنسان والحياة، وتختلف كذلك عنها في المنابع الأولى، والغايات والمقاصد.
فأمَّا الوعي بالثقافة الإسلاميَّة فإنَّه من أهم وسائل تحقيق تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة؛ لأنَّه يعني معرفة شخصية الأُمَّة، ويحدد ملامح هويتها، ويبرز ذاتيتها الخاصَّة، وعلى الرغم مِمَّا يثار حول معنى (الثقافة) واستخداماته في تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة ومصادر علومها ومعارفها، وأنَّه لم يعرف على النحو الذي يعرف به في العصر الحديث بصفته مصطلحًا أصيلًا، أو أنَّه قد نقل عن مصطلح أجنبي. . .، فإنَّ المصادر الإسلاميَّة تشتمل على (الثقافة) في مصادر اللغة العربيَّة، وفي مصادر العلوم الشرعيَّة.
وعلى سبيل المثال ما أورده أبو نعيم الأصفهاني في مقدمة كتابه (دلائل النبوة) إذ قال: (ثُمَّ إنَّ هذه النبوة. . . لا تتم إلَّا بخصائص أربعة يهبها اللَّه -عز وجل- لهم، كما أنَّ إزالة علل العقول لا تتم إلَّا بالسلامة من آفات أربعة، يعصم منها)(١).
(١) انظر: أبا نعيم الأصبهاني: دلائل النبوة: ص ٣٤، بتحقيق: محمد روَّاس قعله جي وعبد البر عباس، (مرجع سابق).