للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن المسارعة ليست ممدوحة على الإطلاق؛ فإن اللَّه عز وجل وصف بها الكفار والذين في قلوبهم مرض، وأنَّهم يسارعون كذلك في الكفر وفي الإثم والعدوان، مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: ٤١] (١)، وقوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: ٥٢]، وكقوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المائدة: ٦٢].

والشاهد في هذه الآيات أنَّ صفة المسارعة قد تكون مذمومة كما أنَّها صفةٌ ممدوحة، والذي يحدد ذلك الغاية التي ترتبط هذه الصفة بها، فإن كانت في الخير والبر والمعروف، فهي صفة إيجابيَّة خيِّرة، وإن كانت المسارعة في الكفر والإثم والعدوان، وفيما نهى اللَّه عنه بعامَّة؛ فهي صفة ذمٍّ ونقيصة.

ب- السبق: مشتقة من الفعل الثلاثي (سَبَقَ)، قال ابن فارس: (السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم، يقال: سَبَق يسبق سبقًا، فأمَّا السَّبْق فهو الخطر الذي يأخذه السَّابق) (٢)، ولعل ابن فارس يريد بقوله: (الخطر الذي يأخذه الفارس) إمَّا القدر والمكانة وهو أحد معاني الخطر (٣)، أو يريد بقوله هذا (ما يُجْعَلُ من المال رهنًا على المسابقة) (٤).

وفي تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}


(١) وانظر: [سورة آل عمران: الآية (١٧٦)].
(٢) معجم مقاييس اللغة: مادة (سبق)، (مرجع سابق).
(٣) انظر: المرجع نفسه: مادة (خطر).
(٤) ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث، مادة (سبق)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>