للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلة تميُّز الأمة الإسلامية

كون التميز سنة من سنن اللَّه في خلقه

يرتكز تميُّز الأمة الإسلامية على ما جاء في القرآن الكريم، وسنة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- القولية والفعلية والتقريرية، وعلي واقع فهم السلف الصالح له وتحقيقه في حياتهم بصور شتى، ويبرزه مجليًا له ما درجت عليه الأمة في تاريخها عبر العصور.

والمتأمل في الكتاب والسنة يدرك منزلة تميُّز الأمة الإسلامية من خلال أدلة كثيرة، تضمنت بيان كونه سنة من سنن اللَّه في خلقه، أو الأمر به والثناء على من حققه، أو التعريض بمن لم يحققه، أو النهي عن التشبه بأهل الكتاب والمشركين.

وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تبين أنَّ التفاضل بين الأمم بعامة وبين بني آدم بخاصة من سنن اللَّه في الكون والحياة، ويتفاوت الناس في قدراتهم، ويتفاضلون في أقدارهم ومنازلهم في الدنيا والآخرة، وتختلف مشاربهم ومراميهم ومصائرهم وفقًا لذلك (١)؛ ويوضح ذلك تفصيلًا ما يأتي:

١ - فضَّل اللَّه بني آدم على كثير من الخلق، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: ٧٠]، وللمفسرين في تفسيرها أقوال عدة، فمما يراد بها: (جعلنا لهم كرمًا؛ أي: شرفًا وفضلًا) (٢)، وقالوا: (بأن اللَّه فضَّل بني


(١) انظر: ابن قيم الجوزية: طريق الهجرتين. ص: (٦٢٧ - ٧٥٠)، (مرجع سابق)، استعرض فيها طبقات المكلفين وجعلها في ثماني عشرة طبقة، ولكل طبقة منها: أعلى وأدنى وأوسط، وهم درجات في الدنيا والآخرة، كما قارن فيها بين طبقات الجن والإنس.
(٢) القاضي ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: (٣/ ٤٧٢)، تحقيق: =

<<  <  ج: ص:  >  >>