للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف المستشرقين من قضية العبودية للَّه

إذا كانت العبوديَّة من أهم أهداف التميُّز، وهي الغاية من خلق الإنس والجن، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، وإذا كانت العبادة متميزة في المنهج الإسلامي، وتختلف في ظاهرها وجوهرها عن الرهبانية المبتدعة لدى النصارى، ولها نظام ينأى بها عن الابتداع ويحقق تميز الأُمَّة الإسلاميَّة؛ فإنَّ المستشرقين درجوا على الطعن بتميُّز الأُمَّة في مجال العبادة، واتهامه بأنَّه مجموعة من الطقوس والشكليات المستمدة -في زعمهم- مِمَّا في اليهودية والنصرانية وغيرهما من الملل والنحل، ويستغلون ما وقعت فيه بعض الفرق والجماعات -التي انحرفت عن سنة الإسلام- من بدع في العبادة، فيعممون ذلك على الإسلام.

[ويعالج هذا في نقطتين بارزتين]

الأولى: ذكر نماذج من أقوال المستشرقين وآرائهم حول العبادة في الإسلام وصلتها باليهودية والنصرانية وغيرهما من الملل والنحل.

الثانية: الرد على تلك الأقوال والآراء.

[فمن أقوال المستشرقين وآرائهم]

١ - زعم (كارل بروكلمان) أن شعائر الإسلام مقتبسة مِمَّا لدى اليهود، وأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حينما هاجر إلى المدينة كيَّف شعائر العبادة في الإسلام على نحو مِمَّا لدى اليهود ليكسب ودَّهم، وعن ذلك يقول: (وهكذا حاول أن يكسبهم من طريق تكييف شعائر الإسلام بحيث تتفق وشعائرهم في بعض المناحي) (١).


(١) كارل بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلاميَّة: ص ٤٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>