للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل لمن يخاطبه: سأريك غدًا إلى ما يصير إليه حال من خالف أمري على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره) (١).

والحقيقة أنَّ هذا التعريض ببني إسرائيل جاء في قمة ما أنعم اللَّه به عليهم من التكريم والاختيار والنصر والعزّة والعفو عنهم، ولكن بدت منهم علامات الزيغ والانحراف ومقابلة نعم اللَّه عليهم بالجحود والإنكار والطمع وقساوة القلب حتى بلغ بهم الأمر مبلغًا سلبهم اللَّه بسببه نعمة الاختيار والتفضيل والتكريم، وضرب عليهم الذِّلَّة والمسكنة واللَّعنة، وباؤوا بغضب من اللَّه، وجعل منهم القردة والخنازير، وتأذن ليبعثنّ عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة، وهذه جملة من الآيات تبين الحالات الثلاث التي سبق الإشارة إليها:

[الحالة الأولى: حالة المن والعطاء]

- قال تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدخان: ٢٩ - ٣٢].

- وقال تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧)} [الأعراف: ١٣٧]

- وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [يونس: ٩٣].


(١) جامع البيان: (٦/ ٥٩)، مرجع سابق، وانظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (٢/ ٢٤٦)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>