وقد قام أحد الباحثين بدراسة أنواع الأدلة في القرآن الكريم وقسمها على النحو الآتي:
١ - أدلة كونية.
٢ - أدلة نفسية.
٣ - أدلة عقلية (١).
فالأدلة الكونية: تعنى بالنظر في الكائنات للتدليل (على وجود اللَّه تعالى ووحدانيته، وسعة قدرته، وعظيم حكمته، وعلى يسر البعث عليه عز شأنه. . . وقد اتخذ هذا الاستدلال كل زوايا الكائنات وجهة له، كوجود الكون بعد العدم، وسعة هذا الوجود، وعظمته، وعجائبه، وكانتظامه على قوانين مطردة، ونواميس محكمة، وابتنائه على الحكمة وحسن التدبير، والتكامل العجيب بين أجزائه، والعناية بكل أحيائه، عناية تبلغ غاية الإعجاز. . . وفي كل هذا يتجه القرآن إلى عقل الإنسان وفكره، ووجدانه وحسه، وإلى تجاربه وملاحظاته، وعلومه ومعارفه، بل يتجه إلى مشاهداته العادية المبنيَّة على الحس، لينتقل من ملاحظاتها في أوضاعها المختلفة إلى ما وراءها، وليدرك من هذه المقومات البدهيَّة، نتائجها الجازمة فيدور الدليل بين البصر والنظر، والسمع والفكر. . . وهذا اللون على سهولته أقوى أنواع الأدلة، وأقربها إلى النفولس والإقناع، والجزم واليقين، لدلالته على المطلوب بذاته، ومن أقصر سبيل، حيث يعتمد على المسلمات البدهيّة المحسوسة أو المعقولة، بخلاف أدلة المتفلسفين، التي تدل على المطلوب دلالة ناقصة، وتحتاج مقدماتها غالبًا إلى برهنة، ودليل ثالث خارج عنها، كاستدلالهم بحدوث العالم على أنّ له محدثًا، لكن من هو؟!
(١) انظر: عبد الستَّار فتح اللَّه سعيد: نظرات في الاستدلال القرآني. .: ص ٢٠ - ٢٥، (المرجع السابق نفسه).