للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أثر الأخوة في تميز الأمة الإسلامية، ووحدتها]

يعد أثر الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة -وفق ما انتهجه الإسلام في بنائها وما اقتضته دلالاتها ومنطلقاتها وأهدافها- في تميز الأمة الإسلامية من آيات اللَّه الدالة على قدرته كما قال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ. . .} [الأنفال: ٦٢ - ٦٣]- قال ابن خلدون: (وجمع القلوب وتأليفها إنما يكون بمعونة اللَّه في إقامة دينه. . . وسره أن القلوب إذا تداعت إلى أهواء الباطل، والميل إلى الدنيا حصل التنافس وفشا الخلاف، وإذا انصرفت إلى الحق، ورفضت الدنيا والباطل، وأقبلت على اللَّه اتحدت وجهتها، فذهب التنافس، وقل الخلاف، وحسن التعاون والتعاطف، واتسع نطاق الكلمة) (١).

ومن رحمته تعالى بهذه الأمة أن جعل نصرة الأخوة ووحدة الأمة التي هي من مقومات تميزها، تتمثل في أخلاق قائدها ومعلمها وهاديها وإمامها محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩]، وأرشده -جل وعلا- في الآية نفسها إلى عوامل الألفة ومظاهر اللين، فقال تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩].

وأدى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكان في كل ذلك كما قال اللَّه عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]، وبكلمة جامعة


(١) مقدمة ابن خلدون: ص: (١٤٢)، مرجع سابق، وانظر: عبد العال سالم مكرم: أثر العقيدة في بناء الفرد والمجتمع: ص: (١٦٦، ١٦٧)، الطبعة الأولى: (١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م)، عن مؤسسة الرسالة - بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>