إنَّ الوسطية هي إحدى خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة كما تدل على ذلك النصوص الثابتة من الكتاب والسنة، والشواهد التاريخية، ولكن المستشرقين -المتحاملين على الإسلام- يصدرون في هذا الموضوع عن زعم باطل وحكم ظالم جائر؛ فقاموس الاستشراق حافل بمسميات وألقاب من مثل البربريَّة والهمجيَّة والرجعيَّة، وأخيرًا الأصوليَّة والتطرف.
وعلى هذا فإنَّ مفهوم وسطية الأُمَّة الإسلاميَّة كان أبعد من أن يدركه الغرب بعامة وينكره المستشرقون في الأعم الأغلب على الرغم من معرفتهم لأدلته وشواهده، ويتضح هذا الموقف في إنتاجهم الفكري في مجال الإسلام والدراسات العربية الإسلاميَّة، وللتدليل على ذلك أورد ملامح من الصورة التي تشكلت عن الإسلام والأُمَّة الإسلاميَّة في الفكر الغربي في العصور الوسطى وما تلا ذلك حتى العصر الحديث:
١ - يكاد يجمع المستشرقون وغيرهم ممن كتب عن الإسلام والغرب بأنَّ مفهوم الإسلام في العصور الوسطى قد تشكل على نحو عدائي، وأنَّ صورة الأُمَّة الإسلاميَّة قد رسخت في الفكر الغربي مشوهةً كريهة؛ يقول (مونتغمري وات): (والنقاط الأربع الرئيسية التي تختلف بصددها صورة الإسلام في العصور الوسطى عنها في الدراسات الموضوعية الحديثة، هي:
أ- أنَّ الدين الإسلامي أكذوبة وتشويه متعمد للحقيقة.
ب- أنَّه دين العنف والسيف.
ج- أنه دين يطلق لشهوات المرء العنان.
د- أنَّ محمدًا هو المسيح الدجال) (١).
(١) فضل الإسلام على الحضارة الغربية: ص ١٠٠، ترجمة: حسين أحمد أمين، وعنوانه =