للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نتج عن هذه المناهج القاصرة عن تفسير تاريخ الإسلام وحضارته تفسيرًا يتفق مع حقائقه، وما يصدر عنه من مبادئ وقيم، وأخلاق ومثل؛ نتج عن هذه المناهج مصادرة بطولات المسلمين، واستلاب حضارتهم، وتزييف تاريخ الإسلام وحضارته في معظم ما أنجزه المستشرقون من دراسات وصفيَّة أو نقدية لهذا التاريخ وحضارته (١).

وفي ضوء ما سلف بيانه -من دوافع الاستشراق ومظاهر نشاطه، وعلاقاته بدوائر العداء للإسلام- يتضح أن منهج المستشرقين في دراساتهم لتاريخ الإسلام وحضارته قد تأثر بالظروف التاريخية التي عاشها المستشرقون في مختلف مراحل حركتهم الاستشراقية وأطوارها.

ويتأكد أنَّ ذلك المنهج كان خاضعًا في مساره العام للكنيسة والتنصير ثمّ للاستعمار، ووقع في وقت مبكر في براثن الحركة الصهيونية، وانطلق كذلك من منطلقات عقدية وسياسية واقتصادية كان لها تأثير في مسار ذلك المنهج، وكانت سببًا في تجريمه ليس من قبل المفكرين المسلمين فحسب بل ومن المنصفين في الغرب ذاته وإن كان بعضهم يفرق بين الاستشراق اللاهوتي والاستشراق العلمي، ولكن مهما اختلف المنحى وتغير الأسلوب فإنَّ المنهج الاستشراقي لم يسلم أبدًا من كونه مجافيًا لما يقتضيه المنهج العلمي الصحيح من موضوعية وإنصاف وبعد عن التعصب ونوازع الأهواء.

ولمزيد الإيضاح والاستدلال يجري الحديث عن المنهج الاستشراقي في دراسة تاريخ الإسلام وحضارته في النقاط الآتية:

أولًا: نقد بعض المستشرقين للمنهج الاستشراقي:

درج المستشرقين في الأعم الأغلب على نقد من سبقهم من


(١) انظر: محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق ومنهجه في كتابة التاريخ الإسلامي: ص ١٣٦ - ١٤١، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>