للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانة اللغة العربيَّة وارتباطها بالإسلام

جاء الإسلام واللغة العربية على درجة رفيعة من الفصاحة والبيان في الشعر والنثر، بيد أنَّها في حدود قبليَّة ضيقة، ثُمَّ اجتباها اللَّه لتكون لغة الإسلام ولسان القرآن الكريم، كما قال اللَّه -عز وجل-: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧]، وبلَّغَ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رسالة ربه بهذه اللغة المختارة، وأعطي جوامع الكلم (١)، ليكون رحمة للعالمين، ومرسلًا للناس كافَّة.

وذلك تجاوزت اللغة العربيَّة حدود القبيلة والقوم، وارتبطت بالإسلام، فكانت لغة عقيدته وشريعته وخطابه إلى جميع البشر، وسارت (في ركاب الدعوة أينما ذهبت؛ لأنَّ القرآن الكريم كان في أيدي جند هذه الدعوة، وكان المسلمون كلما غلبوا على إقليم تركوا فيه القراء والمحدثين من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمون الناس أمر دينهم، ويدعون أهل البلاد للدخول في حوزة الإسلام) (٢).

وعلى الرغم من عدم فرض اللغة العربية على الشعوب الإسلاميَّة ذات


(١) جزء من حديث سبق تخريجه: ص ١٣٦ - ١٣٧، (البحث نفسه).
(٢) تمام حسَّان: اللغة العربية والشعوب الإسلاميَّة؛ بحث مدرج في: من قضايا اللغة العربية المعاصرة، إصدار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إدارة الثقافة تونىس ١٩٩٠ م، عن مطبعة المنظمة: ص ٧٤، وانظر: محمد مصطفى بن الحاج: عالميَّة اللغة العربية: المرجع السابق نفسه: ص ٢٥٨، ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>