للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغات الأُخرى؛ إلّا أنَّها انتشرت بانتشار الإسلام في بلاد الشام والعراق وما وراء النهر فارس والهند والسند وأنحاء واسعة من القارة الآسيوية حتى وصلت إلى أرخبيل الملايو (١)، وانتشرت في مصر وشمال إفريقية وغربها ووسطها وجهات السودان وعلى السواحل وفي الجنوب، وكذلك تأثرت اللغات الأوروبية بها منذُ بداية الصراع البيزنطي الإسلامي في الشرق، ثم الصراع القوطي (الإسباني) مع الإسلام في إسبانيا، وما أسهمت به الحروب الصليبيَّة على مدى قرون من الزمان، وعبر الاتصال الحضاري بين الحضارة الإسلاميَّة والغرب في الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا وبلدان البلقان.

وقد أثبت التاريخ أن الغرب النصراني نهل من معين اللغة العربية وتزود من ثقافتها، وأن إتقان العربيَّة كان شرطًا أوليًّا لمن أراد أن يدرس الحضارة ويتثقف بالعلم والمعرفة، وقد لمعت أسماءً عدّة لعلماء غربيين برعوا في اللغة العربية من أمثال (روجر بيكون)، ومن الطرفة بمكان أن طلابه في الجامعات الأوروبية لا يقلون إتقانًا للعربية منه؛ حتى قيل عنه إنَّ تلاميذه كانوا يتهكمونه أحيانًا إذا أخطأ في ترجمة بعض النصوص العربية إلى اللاتينية (٢).


(١) وصلت الفتوحات الإسلامية إلى تخوم الصين والهند وعلى مشارف (سنكياج الصين) وبلاد الزنط في الهند؛ انظر: حسين مؤنس: أطلس تاريخ الإسلام: ص ٢٢٨، خارطة رقم [٦٤]، عن دار الزهراء للإعلام العربي - مصر، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م، ولكن انتشار الإسلام ومعه اللغة العربية وأبجديتها وصل عن طريق الصلات التجارية والدعويَّة وغيرهما من الوسائل السلميَّة إلى أقصى الجزر الواقعة جنوب شرق آسيا، ومنها الجزر المعروفة باسم أرخبيل الملايو، ويطلق عليها الآن الفلبين، انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٣٨١، ٣٨٢.
(٢) انظر: محمد مصطفى بن الحاج: عالميَّة اللغة العربيَّة: ص ٢٥٩، ٢٦٠، ٢٦٥، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>