للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم، ووجهوه إلى النفع، وإلى الإفادة، وكان منهجهم التجريبي خير مثل على ذلك) (١).

ثانيًا: التسخير:

وكان مفهوم الأُمَّة الإسلاميَّة للتسخير ذا أثر عميق في انطلاقتها العلميَّة، وإفادتها من موجودات الحياة والكون من حولها، ذلك أنّ الإسلام، ومن خلال آيات القرآن الكريم (أزال ما بين الإنسان والكون من حواجز، ودفعه إلى اكتشاف آفاقه، إنَّه أول كتاب (أي: القرآن الكريم) وضع الإنسان وجهًا لوجه أمام مشاهد الطبيعة، كما تبدو للحس وفي الواقع، مستعرضًا أجزاءها الكبيرة والصغيرة وأنواعها وأجناسها وحركتها وسكونها ومراحل نمو مخلوقاتها، من إنسان وحيوان ونبات، إنَّه يعرضها مجردة من أساطير اليونان، وخرافات الهنود، فلا تحرك أمواج بحارها آلهة البحر، ولا تهيج رياحها الشياطين (بل يعرضها) متصلة الأجزاء، متتابعة الحوادث، منتظمة السير، مطردة السنن) (٢)، وفي خلال هذا العرض يحفز العقل على النظر والتفكير وإعمال العقل للإفادة من هذه المخلوقات والعلم بما يحكمها من سنن، ولا سيما أنّها مسخرة للإنسان ليحقق استخلافه في الأرض.

يقول أحد المفكرين: (وهل العلم إلَّا ملاحظة الحوادث واستقراؤها وجمعها وتصنيفها وضبط كمياتها ومقاديرها، وربط أجزائها بعضها في بعض في قانون عام مطرد، وذلك عن طريق الحواس من سمع وبصر، وعن طريق الفكر والعقل) (٣). ويقول في مكان آخر: (وكان لهذه الفكرة


(١) توفيق يوسف الواعي: الحضارة الإسلاميَّة. . . ص ٣٠٠، (مرجع سابق). وانظر: موقف المستشرقين من إيجابيَّة الأمَّة الخيرة: ص ٨٠٩ - ٨٢٧، (البحث نفسه).
(٢) محمد المبارك: نحو إنسانية سعيدة: ص ٣٤، (مرجع سابق). وانظر له: دراسات أدبية: ص ٦٤، (مرجع سابق).
(٣) محمد المبارك: نحو إنسانية سعيدة: ص ٣٥، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>