للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نتائج عظيمة جدًّا من الناحيتين الفكريَّة والعلمية في الإطار العربي والإنساني، وكانت نقطة الانطلاق للتفكير العلمي المبني على التجربة واستخراج سنن الطبيعة، وكان لها أثر عميق في توجيه الحضارة الإنسانية وجهة جديدة كما كانت دافعًا لاستثمار الطبيعة والانطلاق في آفاقها الواسعة) (١)، وقبل ذلك قال: (لقد نقلت هذه الفكرة العرب من نوع من التفكير المجزأة المشوب بالوثنيَّة والخرافة إلى نوع آخر من التفكير الشامل المتحرر من الخضوع للطبيعة) (٢).

والحقيقة أن الأُمَّة الإسلاميَّة تميَّزت إلى جانب ذلك بتحقيق التوازن بين مفهوم العلم الشامل ومفهوم الاستخلاف الراشد. وتعد الحضارة الإسلاميَّة (في عصور الخلافة الراشدة، والدولة الأمويَّة، والعباسية هي الحضارة الإنسانية الكاملة الفذَّة في تاريخ الإنسانية، فقد عاشت البشرية -مؤمنها وكافرها- خلال عصور هذه الحضارة في ظل شريعة اللَّه ونظمه وحكمه، وكان العالم الإسلامي على أعلى درجة من التقدم العلمي والتقني في هذه العصور، فاكتمل للمسلمين أساسا، أو مقوما الحضارة، وما نعلم حضارة سواها اكتمل لها هذان الأساسان، ومن ثُمَّ نمت الحضارة الإسلاميَّة، وارتقت بجانبها الروحي والمادي بتوازن دقيق، فكانت وليدًا صحيحًا متناسقًا في ذاته، ومحققًا للأهداف الإنسانية العليا التي قامت من أجلها، وهي خلافة الإنسان. . في الأرض، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة كانت أقل دائمًا من عصر الخلافة الراشدة) (٣).

كما أنّ ما آلت إليه الأُمَّة الإسلاميَّة من تراجع في ميادين العلم


(١) محمد المبارك: دراسات أدبية ص ٦٤، (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٦٤.
(٣) فاروق الدسوقي: استخلاف الإنسان في الأرض. . . ص ١٢٤، ١٢٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>