[تقويم الحركة الاستشراقية ومنهج الإسلام في مواجهتها]
من خلال استعراض تاريخ الاستشراق في جذوره الضاربة في أعماق تاريخ العلاقة بين الشرق والغرب والإحاطة بعوامل نشأته وتطوره وازدهاره وعلائقه، ومظاهر نشاطه وحاضره ومستقبله، وما أثاره من شبهات حول تَمَيُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، وموقف المستشرقين من مقومات هذا التميُّز، وخصائصه، وأهدافه، ووسائل تحقيقه؛ يُمكن تقويم الحركة الاستشراقية فيما يأتي:
أولًا: إنَّها حركة فكرية هائلة متشعبة شملت مناطق واسعة جدًّا من العالم، وركزت على العالم الإسلامي بخاصة، ووجهت اهتمامها نحو الإسلام واللغة العربيَّة -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- كما قامت بدراسة جوانب من حياة الأُمَّة الإسلاميَّة، وبخاصة منها العقدية والفكرية والاجتماعية والسياسية والتاريخية، فهي متعددة المجالات متنوعة في دوافعها وأهدافها، متأثرة بالمراحل التي قطعتها، والأطوار التي مرت بها، ومختلفة في النتائج التي وصلت إليها، (وقد ساهم في تلك الحركة آلاف من المستشرقين، عبر العصور التاريخيَّة المختلفة، وكانت جهودهم متفاوتة مختلفة في صورها)(١)، ووسائلها، وتبعًا لذلك جاءت كتابات المستشرقين عن الإسلام؛ (تتراوح بين الجهل التام، والمعرفة الموجهة، بين الإسفاف
(١) علي حسين الخربوطي: المستشرقون والتاريخ الإسلامي: ص ٩٧، نشر الهيئة المصريَّة للكتاب، ١٩٨٨ م.