للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - النهي عن التشبه في مجال العبادة]

وبالنظر إلى العبادات في الإسلام من صلاة وصيام وحج وغيرها من العبادات الأخرى يُلْحظُ بأن (الدين في مقاصده وتشريعاته وموقفه من أعدائه يقف موقف الخصوصية ورفض الباطل) (١) والبدعة، وينتهج منهجًا ربانيًا محددًا في منطلقاته وغاياته، ومن هنا تنبثق منزلة تميُّز الأمة الإسلامية -كما سبق الإشارة إليه- وفي مجالس. العبادة بخاصة جاءت تشريعات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لأُمَّتِهِ مخالِفَةً لِما كان عليه أَهل الكتاب وأهل الجاهلية وغيرهم من الأعاجم سواء في مسائل الطهارة، أو الصلاة، أو الإمامة، أو الصيام، وتنهى عن مشابهتهم، وترسم للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ مَنْهجًا مُتَمَيِّزًا في أداء عباداتها، مما يجلي ذلك الأحاديث الآتية:

- حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: (إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] فقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اصنعوا كل شيء إلّا النكاح"، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه. . .) (٢) الحديث.

قال ابن تيمية: (فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه اللَّه لنبيه من مخالفة اليهود، بل على أَنَّه خالفهم في عامَّة أُمورِهم حتى قالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه) (٣). ويدل قولهم هذا على


(١) أحمد بن الصديق الغماري ص: (٨١)، المرجع السابق نفسه.
(٢) أخرجه مسلم: صحيح مسلم: (١/ ٢٤٦)، كتاب الحيض، باب: (٣)، الحديث رقم: (٣٠٢)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، مرجع سابق.
(٣) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم: (١/ ١٨٧)، تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>