للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنمًا- {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (١) [الأعراف: ١٣٨]، وقد ورد في ذلك عن أبي واقد اللَّيثيِّ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما خرج إلى خيبر مَرَّ بِشَجرةٍ للمشركين، يقالُ لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا: يا رسول اللَّه، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط؟ فقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبحان اللَّه هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم" (٢).

ومن هذا الحديث يتضح أن من سنن اللَّه في خلقه ميل الإنسان بمقتضى الطبع إلى المحاكاة والمماثلة (٣)، ومع أن الإسلام يقر الجانب الفطري عند الإنسان إلّا أَنَّهُ في مثل هذهِ الحال ينهى؛ لأن الميل هنا فيه محذور على العقيدة، ويأتي مندرجًا تحت ميل النفس إلى الفجور كما قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: ٧ - ١٠].

كما أن إخبار الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بما حدث في بني إسرائيل يتضمن النهي عن مشابهتهم والسير في منهجهم، فقد قَرَّرَ علماء أصول الفقه أن الإخبار من صيغ الأمر (٤).


(١) وانظر: تفاصيل القصة وبعض ما انطوت عليه من دروس وعبر لدى: عبد الستار فتح اللَّه سعيد: معركة الوجود بين القرآن والتلمود: ص: (٩٠ - ١١٤)، مرجع سابق.
(٢) أخرجه الترمذي: الجامع الصحيح: (٤/ ٤١٢، ٤١٣)، كتاب الفتن؛ باب: (١٨)، رقم الحديث: (٢١٨٠)، وقال: حديث حسن صحيح، بتحقيق: كمال يوسف الحوت، مرجع سابق.
(٣) انظر: أحمد بن الصديق الغماري: الاستنفار ص: (١١)، مرجع سابق.
(٤) انظر: الطوفي: شرح مختصر الروضة: (٢/ ٣٥٦)، تحقيق: عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>