للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلسفة الغربية وطلابها. . . إنها في التصور الإسلامي: موقف ثالث، حقًّا. . . ولذلك فإنَّها كموقف ثالث. . إنَّما يتمثل تميُّزها. . . في أنَّها تجمع وتؤلف ما يُمكن جمعه وتأليفه -كنسق غير متنافر ولا ملفق- والوسطية هي العدل بين ظلمين لا يعتدل ميزانه بتجاهل كفتيه والانفراد دونهما، كما أنَّه لا يعتدل ميزانه بالانحياز إلى إحدى الكفتين، وإنَّما يعتدل بالوسطية التي تجمع الحكم العادل من حقائق ووقائع وحجج وبينات الفريقين المختصمين -ككفتي الميزان- ولهذا كان قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوسط: العدل. . جعلناكم أُمَّة وسطًا" (١). . والعدل هنا، وبهذا المعنى هو أبعد ما يكون عن الاعتدال، عندما يراد به الاستسلام للواقع إذا كان جائرًا، بل إن الوسط العدل في المفهوم الإسلامي. . . الاعتدال الرافض لغلو الإفراط والتفريط، فلا الرهبانية المسيحية، والنسك الأعجمي، ولا الحيوانية الشهوانية والتحلل من التكاليف) (٢).

ولاستجلاء سمات الوسطية في جانب العقيدة والعبادة بوصفها من خصائص تميز الأُمَّة الإسلاميَّة يتناولها البحث في الآتي:

أولًا: في الجانب العقدي:

تتضح الوسطية في الجانب العقدي من تميز الأُمَّة الإسلاميَّة من خلال


= من القرآن الكريم والسنَّة النبوية، ومصدرهما الوحي في حين يصدر معيار الأخلاق لدى (أرسطو) من القانون ومصدره العقل وليس الشرع كما هو الحال في الأخلاق الإسلاميَّة، وهذا ما أشار إليه أحمد عبد الرحمن إبراهيم: الفضائل الخلقية. .: ص ٢٩٣، (المرجع السابق نفسه).
(١) أخرجه الإمام أحمد: مسند الإمام أحمد. . ٣/ ٣٢، تحقيق: دار إحياء التراث العربي: ٣/ ٤١٧، الحديث رقم: (١٠٨٧٨)، (مرجع سابق).
(٢) محمد عمارة: معالم المنهج الإسلامي: ص ٧٧ - ٧٩، الطبعة الثانية، ١٤١١ هـ - ١٩٩١ م، عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي - أمريكا.

<<  <  ج: ص:  >  >>