للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الجاثية: ١٦].

هذه الآيات الكريمة تبين حالة المن والعطاء التي أنعم اللَّه بها على بني إسرائيل، وأنها جاءت إكرامًا من اللَّه لهم بما صبروا على ظلم فرعون وقومه لهم، وأنَّ اللَّه اختارهم على علم على العالمين، وفضلهم على من سواهم من الأمم بالنصر أولًا على عدوهم، وإكرامهم بالكتاب المنزل عليهم وهو التوراة والحكم والنبوة والرزق، وبهذا تميزوا على غيرهم تَمَيُّزًا ربانيًا بلغ قمته، قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: ١٣٧]، فقد نجاهم اللَّه من بطش فرعون وظلمه، واختارهم على عالم زمانهم، فبعث فيهم أنبياء كثيرين، وآتاهم على يد موسى من الدلائل ما فيه اختبار ظاهر لهم، ولكنهم -ولحكمة يعلمها اللَّه- قابلوا هذا التفضيل وذلك التكريم بنوعٍ من الجهالة والإخفاق في تحمل مسؤولية ذلك التميُّز، وهذا واضح في كثير من مواقفهم التي قصها القرآن الكريم في مواضع كثيرة إلى جانب ما ذكر هنا (١).

الحالة الثانية: حالة الجحود، أو موقف بني إسرائيل من هذا المن ومن ذلك العطاء: ويلمح في سياق الدلائل التي أظهرها اللَّه لبني إسرائيل على يد نبيهم موسى -عليه السلام-، والنعم التي أولاهم إياها إرهاصًا، وابتلاءً يتراوح بين العفو عنهم عندما ينحرفون عن الجادَّة، وتظهر منهم علامات كفران النِّعمَةِ، ودعوتهم لِتَجْديد التوبة وملازَمَةِ صراط اللَّه المستقيم، وعرض الفتن بمختلف صورها على صعيد العقيدة والشريعة والأخلاق


(١) انظر: عبد الستار فتح اللَّه سعيد: معركة الوجود بين القرآن والتلمود ص: (٩٠ - ١٠٧)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>