التعاون والتكامل؛ بوصفه وسيلة من وسائل تحقيق تميُّز الأُمَّة الإسلامية وقيام حضارتها، وقد سبق تناول التعاون، وأنَّه من مقتضيات الأُخُوَّة الإسلامية ووحدة الأُمَّة، وتبين أنّ التعاون إنَّما يكون على البر والتقوى، وليس على الإثم والعدوان، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، وبهذا تحقق الأُمَّة الإسلاميَّة تميزها بأنَّها أُمَّة تنطلق من الخير وتعمل من أجله، وتلتزم في أقوالها وأفعالها بتقوى اللَّه، وكلما التزمت بهذا المبدأ كانت آثارها في التاريخ والحضارة غايةً في الإبداع والتنمية الراشدة.
فبالتعاون على البر والتقوى تنهض الأُمَّة الإسلاميَّة بحمل رسالتها وأداء أمانتها في الحياة، وقد أثبت الواقع التاريخي والحضارة الإسلاميَّة (أنَّ المسلمين كانوا في حياتهم الاجتماعية مثالًا حيًا. . . حينما كان الإسلام قوة حيَّة فاعلة في قلوبهم وعقولهم، يستلهمونه في صياغة حياتهم، وفي إقامة العلاقات بينهم، وكان هذا من أعظم أسباب قوتهم القاهرة التي تفوقوا بها على غيرهم، على الرغم مِمَّا كان يملك من آلة الحرب الضخمة، والثروة الوفيرة، والخبرة العريقة التي كان المسلمون يفتقدونها، لقد كانوا كما وصفهم اللَّه تعالى بنيانًا مرصوصًا متلاحمًا ليس فيه ثغرات، بينما كان عدوهم بناءً منهارًا تتخلله الثغرات الناجمة عن فساد تركيبه الاجتماعي، الناشئ عن امتهان كرامة الإنسان فيه، نتيجة اعتبار تلك الكرامة رهينة أمور غير إنسانية، هكذا كانوا، ولكنهم حين تخلوا عن هدى اللَّه، ولم يعد الإسلام هو الذي يقرب بينهم تخلت عنهم قوتهم، وغلبهم