للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفت أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنها- خلقه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: (كان خلقه القرآن) (١).

بهذه الأسوة الحسنة والقدوة الراشدة انداح أثر الأخوة الإسلامية في الأمة وتحققت به وحدتها، وشاع أثرها في الإنسانية، وكان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يؤكد على هذه الآصرة الفريدة، ويرسم منهجها الذي لا يوجد (على وجه الأرض نظام أو منهج يشبه المنهج الإسلامي أو يقاربه فضلًا عن أن يساويه) (٢) في منطلقاته وأهدافه ومراميه إزاء هذه الآصرة وتأثيرها في الأمة، شأنه في ذلك شأن جميع مقومات تميز الأمة وخصائصه وأهدافه ووسائله.

ومن أهم ما يبين أثر الأخوة في تميز الأمة الإسلامية وتحقيق وحدتها وفق المنهج الإسلامي وتطبيق الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحابته الكرام الآتي:

أ- ما كان عليه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه قبل الهجرة من الحب والتآخي فقد كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (يغذي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ويحثهم على الخضوع لرب العالمين في أداء ما افترضه عليهم من الصلاة خمس مرات في اليوم في طهارة بدن وخشوع قلب وخضوع جسم وحضور عقل؛ فيزدادون كل يوم سمو روح ونقاء قلب ونظافة خلق، وتحريرًا من سلطان الماديات ومقاومة للشهوات ونزوعًا إلى رب الأرض والسموات، ويأخذهم بالصبر على الأذى، والصفح الجميل، وقهر النفس، لقد رضعوا حب الحرب وكأنهم ولدوا مع السيف، وهم من أمة، من أيامها حرب البسوس وداحس والغبراء، وما يوم الفجار منهم ببعيد -ولكن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يعالج -


(١) أخرجه البخاري: الأدب المفرد، باب: من دعا اللَّه أن يحسن خلقه، ص: (٤٧)، مرجع سابق. وانظر تخريجًا أوسع له لدى: محمد بن يوسف الصالحي: سبل الهدى والرشاد. . .: (٧/ ٦)، مرجع سابق.
(٢) عبد رب النبي علي أبو السعود: الأخوة الإسلامية: ص: (٥٤)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>