للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلاميَّة على هذا المنهج (١)، وكانت مواقفهم التاريخيَّة وما أنتجته من حضارة رائدة، من أعظم وسائل تميّز الأمَّة الإسلامية، وفي هذا ما يؤكد على أن هذا (الدين والاستمساك به وإقامة دعائمه، أساس ومصدر لكل قوة، وهو السياج لحفظ كل حق من مال وأرض وحريّة وكرامة، ومن أجل هذا كان واجب الدعاة إلى الإسلام والمجاهدين في سبيله أن يجندوا كلّ إمكاناتهم لحماية الدين ومبادئه، وأن يجعلوا من الوطن والأرض والمال والحياة وسائل لحفظ العقيدة وترسيخها، حتى إذا اقتضى الأمر بذل ذلك كله في سبيلها وجب بذله؛ ذلك أن الدين إذا فقد أو غلب عليه، لم يغنِ ما وراءه من الوطن والمال والأرض، بل سرعان ما يذهب كل ذلك أيضًا، أمَّا إذا قوي شأن الدين، وقامت في المجتمع دعائمه، ورسخت في الأفئدة عقيدته، فإنَّ كل ما كان قد ذهب في سبيله من مال وأرض ووطن يعود أقوى من ذي قبل حيث يحرسه سياج من الكرامة والقوة والبصيرة. . . ولقد جرت سنة اللَّه في الكون على مر التاريخ أن تكون القوى المعنويَّة هي الحافظة للمكاسب والقوى المادَّية، فكلما كانت الأُمَّة غنيَّة في خلقها وعقيدتها السليمة ومبادئها الاجتماعية الصحيحة؛ فإن سلطانها المادي يغدو أكثر تمسكًا، وأرسخ بقاءً، وأمنع جانبًا) (٢).

* * *


(١) انظر: موقف ربعي بن عامر مع قائد الفرس (رستم) لدى الطبري في تاريخه ٣/ ٣٣، (مرجع سابق)، وانظر: محمد يوسف الكاندهلوي: حياة الصحابة: ٤/ ٥١٥ - ٥١٨، الطبعة الرابعة، ١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م، عن دار الكتاب العربي، بيروت، وانظر: أحمد عصام الصفدي: تصنيف المعرفة والعلوم في ضوء خصائص الأُمَّة الإسلاميَّة: ص ١٤٩، ١٥٠، (مرجع سابق).
(٢) انظر: محمد سعيد رمضان البوطي: فقه السيرة. . . . ص ١٠٠، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>