للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشدة اعتزازه بإسلامه والتزامه به، وهو موقف يعكس تميز الأُمَّة الإسلاميَّة ممثلًا في جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين إلى الحبشة.

أمَّا بقية الخبر ومن ثَمَّ تمام الموقف فإنَّ عمرو بن العاص -وهو أحد رسولي قريش- لم يفقد الأمل، ولَمْ يخشع قلبه في هذا المقام لما سمع من الحق بل قال: (واللَّه لآتينَّه غدًا عنهم بما أستأصل به خضراءهم. . . ثُمَّ غدا عليه من الغد، فقال: أيُّها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولًا عظيمًا، فأرسل إليهم فسلهم عمَّا يقولون فيه، فأرسل إليهم ليسألهم عنه. . .، فاجتمع القوم [المهاجرون من المسلمين في الحبشة]، ثُمَّ قال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول واللَّه ما قاله اللَّه، وما جاءنا به كائنًا في ذلك ما هو كائن. . .، فلمَّا دخلوا عليه، قال لهم: ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟. . . قال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، هو عبد اللَّه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. . . فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثُمَّ قال: واللَّه ما عدا عيسى بن مريم ما قلتَ هذا العود) (١).

وتاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة مملوء بمثل هذه المواقف، وقد سبق ذكر موقف أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- في مواجهة حركة الردَّة، بقتال المرتدين وكيف أنَّه التزم الإسلام، واعتز به في أحلك المواقف، وعلى الرغم من الأخطار المحدقة بالأُمَّة، فقد سار السلف الصالح ومن تبعهم من الأُمَّة


(١) ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ٣٦٣، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: سيرة ابن إسحاق: ص ١٩٦، (المرجع السابق نفسه). وانظر: ابن كثير: البداية ٣/ ٦٩ - ٧٦، (مرجع سابق)، أورد روايات القصة من وجوه كثيرة، وانظر: تاريخ الطبري ٤/ ١٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>