للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى اللَّه لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد اللَّه وحده، لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والصيام. . . (وعدَّدَ عليه أمور الإسلام، ثُمَّ قال:) فصدقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به من اللَّه، فعبدنا اللَّه وحده، لا نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرَّم علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة اللَّه تعالى، وأن نستحلّ من الخبائث، فلمَّا قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيُّها الملك. . . فقال له النجاشي: هل معك مِمَّا جاءبه عن اللَّه من شيء؟. . . فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه عليَّ؛. . . فقرأ عليه صدرًا من {كهيعص}. . . فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم، ثُمَّ قال النجاشي: إنَّ هذا والذي جاء به عيسى. ليخرج من مشكاة واحدة؛ انطلقا [والضمير يعود للاثنين اللذين أرسلتهما قريش]، فلا واللَّه لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون) (١).

وإذا كان هذا الموقف في حد ذاته كافيًا في الدلالة على التزام بالإسلام والاعتزاز به في موقف حرج، وفي ظل خطة ماكرة صنعتها قريش وأحكمت خطواتها، إلَّا أن الخبر لا ينتهي هنا والموقف له بقية تؤكد صرامة المسلم


(١) ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ٣٦١، ٣٦٢، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، (مرجع سابق)، وانظر: سيرة ابن إسحاق، بتحقيق: محمد حميد اللَّه ص ١٩٤ - ١٩٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>