للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحجرات: ١٣] ويقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه قد أذهب عنكم عُبِّيَةَ الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: برٌّ تقي كريم على اللَّه، وفاجر شقي هين على اللَّه، والناس بنو آدم، وخلق اللَّه آدم من تراب" (١)؛ لذلك كان الدين الإسلامي حقًا مشاعًا وثروة مشتركة لجميع الأمم والشعوب والعناصر والأجناس، والأسر والبيوت والبلاد والأوطان، ليس فيه احتكار مثل احتكار بني لاوي من اليهود، أو البراهمة من الهنود، لا يتميز فيها شعب عن شعب، ولا نسل عن نسل، وليس الاعتماد فيها على العرق والدم، بل الاعتماد فيها على الحرص والشوق، وحسن التلقي وزيادة التقدير والتفوق في الجهاد والاجتهاد) (٢).

إن هذه الرابطة التي قررها الإسلام وأعلنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مشدودة بالعقيدة والإيمان؛ ولذلك فإن من لوازمها الولاء للَّه وللرسول وللمؤمنين، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ٥٥]، وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١]، فالمسلم مطالب (بأن يكون ولاؤه القلبي والعملي لإخوانه في الدين) (٣)، ومقتضى ذلك الحب في اللَّه، قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: ٦٣]، قال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: (نزلت هذه الآية في المتحابين في اللَّه) (٤)، وقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاث من كن فيه


(١) أخرجه الترمذي: (الجامع الصحيح): (٥/ ٣٦٣)، رقم الحديث: [٣٢٧٠]، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مرجع سابق، ومعنى (عُبِّيَة الجاهلية: أي نخوتها وكبرها وفخرها)، المرجع السابق نفسه، حاشية الصفحة: [٣٦٣].
(٢) أبو الحسن علي الحسني الندوي: الإسلام (أثره في الحضارة وفضله على الإنسانية): ص: (٣٤، ٣٥)، مرجع سابق.
(٣) عبد الستار فتح اللَّه سعيد: المعاملات في الإسلام: ص: (١٠٨)، الطبعة الثانية: (١٤٠٦ هـ)، عن دار الطباعة والنشر الإسلامية، القاهرة.
(٤) أخرجه الحاكم: المستدرك على الصحيحين: (٢/ ٣٥٩)، الحديث رقم: [٣٢٦٩/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>