على أفضل الأعمال والأقوال والمعتقدات، وهو في صورته التي جاء بها محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قد بلغ ذروة التمام والكمال.
فكل صورة للإسلام في حياة أي أمَّة من الأمم السابقة تندرج تحته، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨]، قال ابن كثير في تفسيره (مهيمنًا) بعد أن أورد معاني عدة: (فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله)(١). وهو يغني عمَّا سواه ولا يغني ما سواه عنه؛ لذلك اختصت الأمة التي تحقق عقيدته في وجودها وتطبق شريعته في حياتها وجميع شؤونها، وتحمل رسالته للعالمين أن تنسب إليه.
وعلي هذا فإن مصطلح الأمة الإسلامية يتحدد على النحو الآتي:
الأمة الإسلامية: جماعة المكلفين ومن في حكمهم الذين يدينون بعقيدة الإسلام، وما ينبثق عنها من تصور للكون والحياة والإنسان، ويطبقون شريعته وينشرون رسالته، ويصطبغون بصبغته في سلوكهم وعاداتهم ومظهرهم بما يميزهم عن غيرهم، وإمامهم في ذلك محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكتابهم القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهم.
وأصل هذه الأمة ضارب في أعماق التاريخ من لدن كان الناس أمة واحدة على الحق وهو الإسلام توحدها عقيدة التوحيد والإيمان باللَّه، وتتواصل عبر التاريخ حتى تمثلت في الرسالة الخاتمة التي جاء بها محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وستستمر حتى يأتي أمر اللَّه وهي على الحق، أمة واحدة من دون الناس لا يضرها من خذلها ظاهرة منتصرة، تُؤَمُّ وتُقْصَدُ لما تحمل من الحق والخير،
(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (٢/ ٦٥)، (مرجع سابق). انظر: ابن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (١٧/ ٤٣، ٤٤، ٤٥)، (مرجع سابق).