ومما يزيد هذا الأمر وضوحًا ما جاء بعد هذه الآيات من آيات تذكر من حال الكفَّار والمنافقين ما يُظْهِرُ تميُّز الأمة الإسلامية، ولعل هذا مما جعل بعض المفسرين يلحظ من قوله تعالى في وصف المنافقين:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[البقرة: ٩] معنًى لطيفًا يدل على منزلة التميز، وقد عبَّر عنه بقوله:(نقف أمام حقيقة كبيرة، وأمام تفضل من اللَّه كريم. . تلك الحقيقة هي التي يؤكدها القرآن دائمًا ويقررها، وهي حقيقة الصلة بين اللَّه والمؤمنين إنَّه يجعل صفهم صفَّه، وأمرهم أمره، وشأنهم شأنه، وهذا هو التفضل العلوي الكريم. . الذي يرفع مقام المؤمنين، وحقيقتهم إلى هذا المستوى السامق. . وهذه الحقيقة. . جديرة أن يتدبرها المؤمنون ليطمئنوا، ويثبتوا، ويمضوا في طريقهم لا يبالون كيد الكائدين، ولا خداع الخادعين، ولا أذى الشريرين)(١).
٢ - على المنوال نفسه تتعانق المعاني والصور في القرآن الكريم من أوله إلى آخره بما يبرز منزلة تميُّز الأمة الإسلامية باعتباره من لوازم الصراط المستقيم من ذلك قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}[آل عمران: ٥١]، وقوله:{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[آل عمران: ١٠١]، وقوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} [المائدة: ١٥، ١٦].