المتصفين بأوصافهم، من أفعال الخير، التي أمروا بها، وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار؛ لأنَّ ثبوت الشيء، يستلزم نفي ضده.
الثاني: حصول التثبيت والثبات وزيادته، فإنَّ اللَّه يثبت الذين آمَنُوا بِسبب ما قامُوا به من الإيمان، الَّذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا، عند ورود الفتن في الأوامر، والنواهي، والمصائب، فيحصل لهم ثبات، يوفقون به لفعل الأوامر، وترك الزواجر، التي تقتضي النفس فعلها، وعن حلول المصائب التي يكرهها العبد. فيوفق للتثبيت بالتوفيق والصبر أو للرضا، أو الشكر، فينزل عليه معونة من اللَّه، للقيام بذلك، ويحصل له الثبات على الدين عند الموت وفي القبر. وأيضًا فإن العبد القائم بما أُمِرَ بِهِ، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها، ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
الثالث: قوله: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: ٦٧]. أي: في العاجل والآجل، الذي يكون للروح والقلب، والبدن، ومن النعيم المقيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
الرابع: الهداية إلى صراطٍ مستقيم. وهذا عموم بعد خصوص، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم، من كونها متضمنة للعلم بالحق، ومحبته وإيثاره به، والعمل به وتوفق السعادة والفلاح على ذلك، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم فقد وفق لكل خير واندفع عنه كل شر وضير؛ أي: كل من أطاع اللَّه ورسوله -على حسب حاله، وقدر الواجب عليه، من ذكر وأنثى وصغير وكبير {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦٩]. أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة (١).
(١) تيسير الكريم الرحمن: (٢/ ٩٤ - ٩٦)، (مرجع سابق).