للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجملة ولا حاجة تدعو إليه حُرِّمَ) وفي هذا محافظة تامة على هوية الأُمَّةِ الإِسلامِيَّةِ، ووصف دقيق لمنزلة تميزها.

ومما ينبغي الإشارة إليه في ختام هذا المطلب أن تَميُّز الأمة الإسلامية كان محل إجماع سلف الأمة قولًا وعملًا بعد أن أرسى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مقوماته في حياة الأمة، ورسخ خصائصه، وحدد أهدافه ووسائل تحقيقه، وسار الخلفاء الراشدون على هديه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن تبعهم في القرون المفضَّلة، وعلي الرغم مما حدث بعد ذلك من افتراق في مناهج الأمة أثر على تميزها، فإن التميز سيستمر فيها وذلك بثبات طائفة منها على ذلك، دون تردد أو مداهنة للمخالفين حتى يأتي أمر اللَّه، وقد دلت على ذلك نصوص عدة وسجلتها كثير من الوقائع التاريخية المقرِّرة، التي توضح فهم الأمة الإسلامية لتميزها وتطبيقها التاريخي له.

ومن أمثلة ذلك ما يأتي:

- ما ورد عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- حين رأى امرأة لا تتكلم وسأل عنها (قالوا: حجَّت مصمتة، قال لها: (تكلَّمي، فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية) (١)، وهذا دليل على حرص أبي بكر على تميُّز الأمة، ونهيه عن أي مظهر من مظاهر غير المسلمين (٢).

- واتخذ عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- من التدابير والسياسات ما يؤكد منزلة


(١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: (٣/ ١٣٩٣)، كتاب فضائل الصحابة، باب: (أيام الجاهلية)، رقم الحديث: (٣٦٢٢)، تحقيق: مصطفى ديب البُغا، مرجع سابق.
(٢) انظر ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم. . .: (١/ ٣٢٦، ٣٢٧، ٣٢٨)، تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>