للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على أن هذه الآية تنص على ضرورة تميُّز الأمة الإسلامية في الدنيا ما أورده المفسرون من أسباب لنزولها وتفسير لمدلولها، ومن ذلك قول ابن كثير: (ميز بينهم بالجهاد والهجرة) (١)، وقال: (يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن اللَّه به المؤمنين، فظهر به إيمانُهم وصبرُهم وجَلَدهم وثباتهمْ وطاعَتهم للَّهِ ورسولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهتك به أستار المنافقين، فأظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم للَّه ولرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-) (٢).

- أما الآية الأخرى: فذكر المفسرون في معناها: (إن اللَّه يحشر الكافرين إلى جهنم ليميز الكافرين من المؤمنين) (٣)؛ لأن اللَّه يريد (أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحد على حدة، وفي دار تخصه، فيجعل الخبيث بعضه على بعض؛ من الأعمال والأموال والأشخاص {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: ٣٧] الذين خسروا أنفسهم، وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين) (٤).

وأوضحت الآيتان السابقتان ضرورة التميز بين أهل السعادة والشقاوة، والمسلمين والكفار، وأولياء اللَّه وأعدائه، وبين حزب اللَّه وحزب الشيطان، وأن اللَّه (لابد أن يعقد شيئًا من المحنة، يظهر فيه وليه، ويفضح عدوه، يعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر) (٥).

ولولا هذا الصقل لذاتية الأمة والابتلاء والامتحان - (بالأسباب


(١) تفسير القرآن العظيم: (١/ ٤٣٢)، المرجع السابق نفسه.
(٢) المرج السابق نفسه: (١/ ٤٣٢).
(٣) ابن عطية: المحرر الوجيز: (٢/ ٥٢٦)، مرجع سابق.
(٤) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٣/ ١٦٧)، مرجع سابق.
(٥) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (١/ ٤٣٢)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>