للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد من هذا كله أنَّ عقيدة الإسلام التي يقوم عليها تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة عقيدة واضحة بينة لا غموض فيها ولا لبس، تنبع من الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها وأشهدهم على أنفسهم، وتعاقبت رسل اللَّه تترى لتوضح هذه العقيدة، وتعيد الناس لجادتها وتعلمهم حقائقها ومقتضياتها بغاية اليسر والوضوح، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤]، وقال تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: ٤٤]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥].

(هذا الوضوح المشرق في العقيدة بالنظر إلى الأنبياء عامّة، وإلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصَّة، يقابله غموض مطبق في العقائد الأخرى، وأبرزها المسيحيَّة التي لم يتضح لأتباعها حقيقة المسيح: ما هي؟ حتى إنّهم عقدوا المجامع تلو المجامع للبحث في طبيعة المسيح ما هي؟ أهو إله؟ أم ابن إله؟ أم بشر خالص؟ أم بشر حلَّ فيه الإله؟ أم جزء من أقانيم ثلاثة يتكون منها الإله: هي الأب، والابن، والروح القدس؟ والروح القدس نفسه اختلفوا فيه ما هو، وما علاقته بالأقنومين الآخرين؟ وأم المسيح التي ولدته ما هي أيضًا؟ وما نصيبها من اللاهوت والناسوت أو الإلهية والبشرية) (١).

حدث هذا الغموض في المسيحية عندما تأثرت بالأمم الأخرى المجاورة لها، وفقدت تميُّزَها المتمثل في العقيدة الحقة التي جاء بها عيسى عليه السلام من عند اللَّه (٢).


(١) يوسف القرضاوىِ: الخصائص العامَّة للإسلام: ص ١٩٠، (المرجع السابق نفسه).
(٢) لمزيد من الاطلاع على الغموض الذي دخل في العقائد الأخرى غير العقيدة الإسلامية، وأفقد تلك العقائد تميُّزَها. انظر: علي عبد الحليم محمود: مع العقيدة والحركة والمنهج في خير أمَّة أخرجت للناس: ص ٤٩، ٥٢، (مرجع سابق)، وانظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>