للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن فحسب. . والمفتاح يكمن في العقيدة. . لقد أعطى الإسلام أتباعه عقيدة جادَّة تغلغلت في عقولهم وشرايينهم، حتى أصبحت الهواء الذي يتنفسون، والدم الذي يجري في العروق. . وحينذاك كان بمقدور الرسول عليه السلام، وهو يتلقى أمر اللَّه، أن يقول للمسلمين: (إنَّ اللَّه يأمركم أن تكفوا عن شرب الخمر) (١). . ويومها فقط شوهدت دِنَانُ الخمر وهي تكسَّر. . والصهباء وهي تنساب على الأرض مختلطة بترابها ووحلها. . وشوهدت بعض من دخل الخمر جوفه قبل دقائق أو ساعات يسعى جاهدًا إلى تفريغ جوفه من الدنس. . لكي يتطهر كما أراد اللَّه له أن يكون. . . ومرة أخرى. . العقيدة أولًا. . وبدونها. . فإنَّ ألفًا من محاولات الإحصاء لن تفعل سوى أن تصف الظواهر وتصنفها. . أمَّا الناس فإنَّهم سيظلون -في الطرف الآخر- ليسوا سعداء!!) (٢).

وما يقال عن سرعة إجابة الأُمَّة الإسلاميَّة في الكف عن تعاطي الخمر


(١) الآيات الثلاث التي تدرجت في تحريم الخمر هي:
قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: ٢١٩].
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣].
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠].
وانظر ما أورده ابن كثير في تفسيرها: تفسير القرآن العظيم ٢/ ٩٢ - ٩٧، (مرجع سابق)، حيث اشتمل على تطبيقات السلف رضوان اللَّه عليهم وسرعة إجابتهم لأمر اللَّه وأمر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بما لم يشهد له التاريخ مثيلًا.
(٢) عماد الدين خليل: مؤشرات إسلامية. .: ص ١٨، ١٩، وما قبلهما: ص ١٤ - ١٧، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>