للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشريعه لو صلح على سبيل المثال الافتراض فسيكون صلاحه في إطار فترة زمنية محدودة، ويكفي هذا الوجه من قصور العقل من الناحية الزمنية قادحًا في النظام الذي صدر عن عقل الإنسان؛ لأنه سيكون عرضة للجمود وعدم الصلاحية بمجرد مرور الزمن، فالغد يأتي بما لم يحط المنظر بعلمه، وعندئذٍ يكون التغيير أمرًا لا مفرَّ منه، وقد يكون تغييرًا شاملًا، ومع التغيير المستمر يصبح النظام غير قادر على توفير الاستقرار والأمن النفسي للمجتمع لما يعتريه من التقلب المستمر والتضارب والتناقض؛ لأنه خضع لإطار زمني ضيق.

إن هذا القصور سمة لازمة للنظم البشرية؛ ممَّا جعل الطريق غير مأمون على المجتمعات البشرية في ظل تنظيمها لنفسها (١).

ثانيًا: قصور العقل البشري من الناحية المكانية، حيث إن عقل الإنسان محدود بالمكان الذي يعيش فيه، والبيئة التي خضع لمؤثراتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وما يؤدي إليه ذلك من محدوديَّة العقل وتركيزه على بيئته وجهله بالبيئات الأخرى؛ فإذا تصدى العقل البشري للتنظيم والتشريع فإن ما ينتج عنه لو صلح -افتراضًا- لبيئة لن يصلح لغيرها. . .، وعلى هذا لن تتحقق الوحدة المتوخاة في النظم تلك الوحدة التي تعد أساسًا في الشريعة؛ لأن البشرية متحدة في أصلها وفطرتها وغايتها، وإن تباعدت الأوطان واختلفت الألوان والألسنة والشعوب والقبائل، والوحدة مطلوبة لتعيش المجتمعات البشرية في سلام ووئام (٢).

ثالثًا: قصور العقل البشري من حيث الإلمام بجميع الأطراف التي


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (٢٤).
(٢) انظر: محمد رأفت سعيد: المدخل لدراسة النظم الإسلامية: ص: (٢٥)، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>