للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عالم القانون الشهير (جورج هوايت كروس باتون): (إن السبيل الوحيد للوصول إلى معايير متفق عليها هو الاعتراف بالوحي السماوي قانونًا) (١).

إنَّ هذه الأقوال تلتقي مع الرأي الذي يعول على الوحي والدين السماوي في قضية التشريع، وأنّ البشرية من فجر تاريخها اعتمدت على الشريعة الإلهية: (فالحقيقة أن تنظيم الحياة البشرية هو من المفاتيح العليا المقدسة لهذه الحياة، ولم يكن اللَّه -سبحانه وتعالى- ليترك الناس عرضة للخطأ فيها وللتجارب الأليمة، فإنه في كل مرة يعدل الناس عن نظام إلى آخر تقوم الثورات والحروب والنكبات، وتراق الدماء، وتصادر الأموال، وتضطرب الأمور، وينقسم الناس، ولذلك فقد أهدى اللَّه هذه الهدية الغالية، وهي بيان نظم حياتهم) (٢).

ومن هنا يتضح (أنَّ الدين منذ القدم ضرورة اجتماعية، والوازع الديني أقوى حافز على احترام القواعد التنظيمية في أية جماعة، ومنذ وجدت الجماعات البشرية اتجهت إلى السمو عن طريق النزعات الدينية) (٣)، و (أنَّ الديانات السماوبة بدأت منذ بدء الخليقة، فاللَّه -سبحانه وتعالى- منذ استخلف آدم على الأرض أوحى إليه أنَّه هو خالقه وبارئه، وخالق العوالم الأخرى من إنس وجن وحيوان وموجودات، وخالق الكون كله، كما أوحى إليه بحدود خلافته وذريته في الأرض، وبالقدر اللازم لتنظيم حاجاتهم كجماعة


(١) محمد رأفت سعيد: المرجع السابق نفسه: ص: (٣٣).
(٢) مصطفى كمال وصفي: مدخل النظم الإسلامية: ص: (٨١)، عن عالم الكتب، القاهرة، (بدون تاريخ)، وانظر محمود شلتوت: من توجيهات الإسلام: ص: (١٤ - ١٧)، الطبعة السابعة: (١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م)، عن دار الشروق، بيروت.
(٣) علي علي منصور: المدخل للعلوم القانونية والفقه الإسلامي: ص: (٣٨)، عن مطبعة مخيمر، القاهرة: (١٩٦٧ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>