للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدالة عليه وعلى صدق رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أتم دلالة وأصدقها وهي نوره الذي أبصر به المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم. . .) (١).

وقال العز بن عبد السلام: (والشريعة كلها مصالح، إمَّا تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح) (٢)، والمستقرئ لأحكام الشريعة الإسلامية يخلص إلى هذه النتيجة من وجوه:

الأول: أنَّ رسالة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- بعامة جاءت رحمة للعالمين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]، فيدخل في ذلك ضمنًا (رعايا مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم) (٣).

الثاني: مجيء أحكام الشريعة -في جملتها- معلِّلة بكونها تحقق مصالح الأمة وتدرأ عنهم المفاسد (٤)، كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩]، وكقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠]، وكقول الرسول: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض


(١) أعلام الموقعين. . .: (٣/ ١١)، (المرجع السابق نفسه).
(٢) قواعد الأحكام في مصالح الأنام: (١/ ٩)، طبعة دار المعرفة - بيروت، (بدون تاريخ).
(٣) انظر: الشاطبي: الموافقات: (٢/ ٢٩)، (مرجع سابق)، وانظر: عبد الكريم زيدان: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية: ص: (٤٠)، (مرجع سابق).
(٤) انظر: عبد الكريم زيدان: المرجع السابق نفسه: ص: (٤٠)، وانظر: محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإسلامية: ص: (٤٥)، (مرجع سابق)، وقد بين أن من أحكام الشريعة ما هو معلل ومنها ما هو تعبدي محض لم يهتد إلى حكمته ومنها ما هو متوسط بين النوعين، وشرح ذلك في الصفحات: (٤٥ - ٤٨)، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>