للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" (١)، وعندما سأل رجل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" (٢).

وهناك صورتان أخريان في التناصر تميز بها الإسلام، واختصت بها أخوته على سائر المبادئ والنظم والأعراف الأخرى:

الأولى: التدخل بين طائفتين من المؤمنين اقتتلوا بالصلح بينهما، وهذه الصورة بما ذكر فيها من تفصيلات وأحكام تعطي دلالة واضحة على مبدأ الأخوة الإسلامية وأصالته حيث أوجب الإسلام -بمقتضى أخوة الإسلام- على ولاة أمر المسلمين أن يتدخلوا بالصلح بين فريقين من المسلمين اقتتلوا، ولا ينتهي الأمر عند ذلك، بل أوجب متابعة الحدث والوقوف بجانب الحق ومن كان عليه من الفريقين حتى يحسم الأمر ويظهر الحق.

وللعلماء في ذلك آراء كثيرة تدل -فيما تدل عليه- أن الأخوة الإسلامية عميقة الدلالة قوية التأثير. . ففي قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠ - ١١]، أوجب اللَّه على الأمة الإسلامية (أن تقف موقف الأخوة الناصحة كما أمرها اللَّه، وتعيد العلاقات والأخوة الإسلامية ولوازمها بين فريقين اقتتلا أو اختلفا


(١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: (٢/ ٨٦٣)، رقم الحديث: [٢٣١١١، ٢٣١٢]، تحقيق مصطفى ديب البغا، مرجع سابق.
(٢) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: (٦/ ٢٥٥٠)، رقم الحديث: [٦٥٥٢]، تحقيق مصطفى ديب البغا، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>