للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو البحث عن الرقاع والعظام التي كان قد كتب عليها، والتأكد من سلامتها بأمرين، بشهادة اثنين على الرقعة التي فيها الآية والآيتان أو الآيات، وبحفظ زيد نفسه، وبالحافظين من الصحابة، وقد كانوا الجم الغفير والعدد الكبير، فما كان لأحد أن يقول: إن زيدًا كتب من غير أصل مادي قائم، بل إنَّه أخذ من أصل قائم ثابت مادي، وبذلك نقرر أنَّ ما كتبه زيد هو تمامًا ما كتب في عصر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه ليس كتابة زيد، بل ما كتب في عصره عليه الصلاة والسلام، وأملاه، وما حفظه الروح القدس. . .

الثانية: أن عمل زيد لم يكن عملًا أحاديًّا، بل كان عملًا جماعيًّا من مشيخة صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد طلب أبو بكر إلى كل من عنده شيءٌ مكتوب أن يجيء به إلى زيد، وإلى كل من يحفظ القرآن أن يدلي إليه بما يحفظه، واجتمع لزيد من الرقاع والعظام وجريد النخل ورقيق الحجارة، وكل ما كتب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعند ذلك بدأ زيد يرتبه ويوازنه ويستشهد عليه، ولا يثبت آية إلَّا إذا اطمأنَّ إلى إثباتها، كما أوحيت إلى رسول اللَّه (١)، واستمر الأمر كذلك، حتى إذا ما أتَمَّ زيد ما كتب، تذاكره


= حيث قال: (لَمَّا جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبو بكر: التمسوا له اسمًا فقال بعضهم: السفر، وقال بعضهم: المصحف. .). الإتقان. . ١/ ٥١. وانظر: فهد الرومي: المرجع السابق نفسه: ص ٩٣.
(١) انظر: أحمد خليل: دراسات في القرآن: ص ٩٠، طبعة ١٩٦٩ م، عن دار النهضة العربية. .، بيروت، حيث أشار إلى أنَّ مِمَّا يعد (أصلًا من أصول النقد العلمي المحرر في الحكم على النصوص ثقة وزيفًا وصحة وفسادًا وهو لغة النص، وخصائصه المتميِّزة له والكاشفة عن سماته وملامحه التي لا يضل في معرفتها ما أشار إليه "الحارث المحاسبي" في كتابه: "فهم السنن" عن ثقة زيد ومن معه من المسلمين في النصوص التي تعرض عليهم من الرقاع ونحوها، إذ قال: "لأنهم كانوا يبدون عن تأليف معجز ونظم معروف وقد شاهدوا نزوله وسمعوا تلاوته من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرين سنة، فكان تزوير ما ليس منه مأمونًا، وإنَّما الخوف من ذهاب شيء من الصحف؛ ولهذا جمع أبو بكر القرآن").

<<  <  ج: ص:  >  >>