• أنَّ ما صدر عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قسمان:(وحيٌ -قطعًا- معصوم عن الخطأ والسهو فيه. . . وهذا القسم: إمَّا أن يكون قد أوحي إليه مصحوبًا بلفظ دال عليه أو لا، فإن كان مصحوبًا به: فإمَّا أن يكون قد قصد به التعبد والإعجاز والتحدي بأقصر سورة منه، وهو القرآن. وإمَّا أن لا يكون كذلك وهو الحديث القدسي. . . ولا شكَّ في أنَّه وحيٌ؛ لأنَّه يخبر به عن اللَّه. . . وهو خبر معصوم عن الكذب، فدلَّ أنه كلام اللَّه، كما دلَّ خبره على أن القرآن كلامه، وإن لم يكن مصحوبًا بلفظ فهو الحديث النبوي. . .، ثُمَّ إنَّ الموحى به إذا لم يكن مصحوبًا بلفظ: فإمَّا أن يكون قد دلَّ عليه الملك [جبريل -عليه السلام-]، بإشارة أو فعل من أفعاله. . .؛ القسم الثاني: ما صدر عن [النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-]، غير قاصد به التبليغ عن اللَّه، فإمَّا أن يكون قد أقره اللَّه عليه أو لا، فإنْ أقرَّه اللَّه عليه، فهو -وإن لم يكن في ذاته موحًى به- إلَّا أنَّه بمنزلته، وفي حكمه؛ لأنَّ التقرير المصاحب له يدلنا على صحته وحقيقته ومطابقته لما عند اللَّه، بل لم يقتصر الأمر على هذا التقرير: فإنَّ اللَّه تعالى أمرنا باتباعه فيما يصدر عنه؛ فإن كان بعض ما يصدر عنه ليس بوحي -فقد فرض اللَّه علينا- في الوحي اتباعه فيه: فمن قبل عنه فيما لم يوح إليه: فإنَّما قبل بفرض اللَّه. فكان ما يصدر عنه من هذا القبيل بمنزلة الموحى إليه في حقيقته وصوابه بلا شبهة. . . فتبين من هذا كله: أنَّ جميع ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير، وأقرَّه اللَّه عليه، فهو وحي من عند اللَّه أو بمنزلته)(١).
(١) عبد الغني عبد الخالق: حجيَّة السُّنَّة: ص ٣٣٤ - ٣٤١، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٦ م، عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، ونشر دار القرآن الكريم - بيروت. وانظر: توفيق يوسف الواير: الحضارة الإسلاميَّة مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٢٨٤، (مرجع سابق).