للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أن هذا الحديث أيدلُّ على هذا الحكم أم لا يدلّ؟) (١).

ومِمَّا يتصل بالسُّنَّة ما كان عليه الخلفاء الراشدون والصحابة من فهم للقرآن والسُّنَّة، وتطبيق لهما في شؤون دينهم ودنياهم، والدليل على ذلك ما ورد من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أوصيكم بتقوى اللَّه والسمع والطاعة، وإنْ عبدًا حبشيًا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين: تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (٢).

وفي حديث آخر يحذر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه أمته من متابعة بني إسرائيل في التفرق، والانحراف عن المنهج الرباني المتميِّز، ويخبر بأن أمته تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النَّار إلَّا واحدة، وحينما قالوا: من هي يا رسول اللَّه؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" (٣).

فدلَّ هذا الحديث وما قبله على اتصال سُنَّة الصحابة والخلفاء الراشدين بسنته -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذلك أنهم صفوة الأُمَّة وخيارها، وحملة الرسالة وصفهم عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- وعنهم أجمعين بقوله: (أولئك أصحاب محمد أبرُّ هذه الأُمَّة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم اللَّه لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنَّهم كانوا على الهدي المستقيم) (٤).


(١) عبد الغني عبد الخالق: حجية السنة: ص ٣٤٢، (المرجع السابق نفسه)، ولمزيد من الاطلاع على تمسك السلف -ومن تبعهم من أئمة الأُمَّة وعلمائها- بالسنّة واحتجاجهم بها، وإنكارهم على من خالفها، ورفعهم من شأنها، واحترامهم للحديث والتأدب في مجالسه، وعنايتهم بحفظه وكتابته؛ انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٣٤١ - ٣٨٢، فقد أورد عن ذلك آثارًا مستفيضة.
(٢) أخرجه أبو داود: سنن أبي داود ٤/ ٢٠٠، الحديث رقم: (٤٦٠٧)، (مرجع سابق).
(٣) سبق تخريجه: ص ٣٧٠، ٩٨، (البحث نفسه).
(٤) ابن قيم الجوزية: أعلام الموقعين ٢/ ١٤١. وانظر: الشاطبي: الموافقات ٤/ ٥٨،=

<<  <  ج: ص:  >  >>