للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أهمية المخالفة في تحقيق الإسلام وما تعنيه من تميُّز في ذاتية الأمة الإسلامية، بقوله: (وكلما كان القلب أتم حياة، وأعرف بالإسلام -الذي هو الإسلام لست أعني مجرد التوسم به ظاهرًا، أو باطنًا بمجرد الاعتقادات التقليدية، من حيث الجملة- كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنًا أو ظاهرًا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين: أشد. ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر: توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميُّز ظاهرًا بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية) (١).

وقد بسط القول فيما يتعلق بالأمر بمخالفة الأمم الأخرى والنهي عن التشبه بهم أو محاكاتهم أو تقليدهم، وساق الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على ذلك في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، وكان ممّا ذكر في هذا السياق قوله: (واعلم أن في كتاب اللَّه من النهي عن مشابهة الأمم الكافرة وقصصهم التي فيها عبرة لنا بترك ما فعلوه كثيرًا، مثل قوله، لمَّا ذكر ما فعله بأهل الكتاب من المثلات: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢]، وقوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١]، وأمثال ذلك، ومنه ما يدل على مقصودنا ومنه ما فيه إشارة وتميم للمقصود. ثمَّ متى كان المقصود: بيان أنَّ مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا، فجميع الآيات دالة على ذلك، وإن كان المقصود: أن مخالفتهم واجبة علينا، فهذا إنَّما يدل عليه بعض الآيات دون بعض، ونحن ذكرنا ما يدل على أن مخالفتهم مشروعة في الجملة) (٢).


(١) المرجع السابق نفسه: ص: (١٢).
(٢) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: ص: (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>