للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أخرى: "فإنَّ اللَّه -عز وجل- لن يجمع أمتي إلَّا على هدى" (١).

وأمر آخر يحسن الاحتراز منه وهو تميُّز الأمة الإسلامية في داخلها بمعنى أن يتحزبوا أحزابًا ويتميز بعضهم عن بعض ويقع بينهم التنازع، فهذا الأمر منهيٌّ عنه والنصوص الشرعية مستفيضة بالحذر منه ولا يشتمل عليه عنوان هذا البحث (٢).

٣ - معاني التوسط والوسطية (٣): يتصل التميُّز بالأمة الإسلامية من خلال معاني التوسط بين شيئين أو نقيضين، والوسطية أعمق من مجرد البينية الظرفية حيث يراد بها اعتدال وتوازن بين أمرين أو شيئين متباينين كالتوسط بين الغلو والتطرف أو الإفراط والتفريط، وللعلماء في ذلك أقوال أورد منها:

أ- قول الطبري: (إنَّما وصفهم بأنَّهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، غلو النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم في عيسى ما قالوا- ولا هم أهل تقصير فيه، تقصير اليهود الذين بدَّلوا كتاب اللَّه، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم اللَّه بذلك، إذ كان أحب الأمور إلى اللَّه أوسطها) (٤).

ب- قول ابن تيمية عن الفرقة الناجية من أمّة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنَّهم (يؤمنون بما أخبر اللَّه به في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده: (٥/ ١٤٥)، (مرجع سابق)، وانظر: حاشية اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية، تحقيق: ناصر العقل ص: (٦٩)، (مرجع سابق).
(٢) للاطلاع على هذا الجانب. انظر: بكر بن عبد اللَّه أبو زيد: حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية، الطبعة الثالثة، عن دار ابن الجوزي: (١٤١٣ هـ) - الدمام.
(٣) سيأتي مطلب خاص بالوسطية: ص: (٧٣٣ - ٧٥٧)، (البحث نفسه).
(٤) الطبري: جامع البيان: (٢/ ٧، ٨)، طبعة دار الكتب العلمية - لبنان: (١٤١٢ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>