للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثُمَّ أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال: "يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ " قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: "فإنْ طالت بك حياة، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ ترتحلُ من الحيرة، حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدًا إلَّا اللَّه" -قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّارُ طيءٍ الذين قد سعروا البلاد- "ولئن طالت بك حياة لتفتحنَّ كنوزُ كسرى". قلتُ: كسرى بن هرمز؟ قال: "كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لَتَرَيَنَّ الرجلَ يخرجُ ملءَ كفه من ذهب أو فضَّة، يطلب من يقبله فلا يجد أحدًا يقبله منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحدُكم يومَ يلقاه، وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فيقولنَّ: ألم أبعث إليك رسولًا فيبلغك، فيقول: بلى. . . " الحديث (١).

٢ - وإلى جانب هذه النصوص من الكتاب والسنّة وغيرها هناك دلائل متنوعة منها ما يتعلق بطبيعة الإسلام من حيث عقيدته وشريعته وأخلاقه وقيمه التي تميّزت بالعالميَّة، ومنها تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة المجيد الذي كانت العالميَّة من الخصائص المميِّزة لهذه الأُمَّة فقد اشتملت على جميع الأجناس ومختلف الفئات وانتشرت في أصقاع المعمورة، واستمرت مع كر الجديدين متألقة متفردة (٢).

فكيف ساغ لـ (فنسك) وأضرابه أن ينسوا كلَّ هذه الحقائق، ويحصروا أنفسهم في دائرة الاجتزاء وإغفال هذا الواقع الذي لا يحتاج إلى دليل.

وليس يصح في الأفهام شيءٌ ... إذا احتاج النهار إلى دليل (٣)


(١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: ٣/ ١٣١٦، ١٣١٧، الحديث رقم: (٣٤٠٠)، ترتيب: البغا، (مرجع سابق).
(٢) انظر: المطلب السابق.
(٣) لأبي الطيب المتنبي من قصيدة مطلعها:
أتيت بمنطق العرب الأصيل ... وكان بقدر ما عانيتُ قيلي =

<<  <  ج: ص:  >  >>